السبت 24 تموز (يوليو) 2010

دولتان لشعبين : فلسطين لليهود والأردن للعرب

السبت 24 تموز (يوليو) 2010 par زهير أندراوس

غير أبهة بالقانون الدولي تواصل الدولة العبرية فرض الحقائق على أرض الواقع، فقد صادقت لجنة «الكنيست» على قانون بشأن إجراء استفتاء عام بشأن الجولان السوري المحتل، والإشارة هنا إلى تعديل قانون الاستفتاء العام بشأن أي انسحاب من الجولان السوري المحتل أو القدس المحتلة.

المأساة لا تكمن في الضوء الأخضر الأمريكي وبعصابة المنافقين الأوروبيين، ولا في الأنظمة العربيّة الرسمية، المأساة تبدأ وتنتهي في الادعاءات «الإسرائيلية» بأنّ الدولة العبرية هي واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط، مع أنّها باعتقادنا لا واحة ولا ديمقراطية ولا ما يحزنون، فلم نسمع حتى اليوم، عن شعبٍ يقوم بتوجيه سؤالٍ إلى نفسه : هل أُريد أن أبقى محتلاً لأراضي الغير، لا يحتاج المرء في هذه العجّالة لأن يكون نبيهاً ليحصل على الجواب بأنّ الشعب في «إسرائيل»، الذي انتخب أكثر حكومة متطرفة، سيُصوت بشبه إجماع على إبقاء الهضبة تحت السيطرة «الإسرائيلية»، وبمّا أنّ هذه الحكومة هي عنصرية بتفوق وتعتبر أنّ «إسرائيل» هي دولة الشعب اليهودي المنتشر في العالم، فلا نستبعد البتة أنّ يُشارك يهود العالم في هذا الاستفتاء الذي صُنع في «إسرائيل»، كما أننّا لا نستبعد أن يطالب الأثرياء اليهود، الذين تبّرعوا ومازالوا بالأموال للبناء الاستيطاني في المناطق العربيّة التي احتلت عام 1967 بالمطالبة بتعويضات من سورية أو الدول العربية عن الأموال التي استثمروها في الجولان، في حال اتخاذ القرار بالانسحاب «الإسرائيلي»، فالمشروع الاستيطاني الصهيوني هو عمليًا مشروع اقتصادي من الدرجة الأولى : الأراضي للعرب وللمسلمين، المستثمرون هم من الغرب المسيحي، والرابحون هم «الإسرائيليون»، أي اليهود، الذي يحتلون الأرض العربيّة بدعمٍ من أوروبا وأمريكا المسيحيتين، ينتهكون العرض ويُسوّقون للغرب الدعاية الكاذبة بأنّهم الضحية، وأن الفلسطيني هو الجلاد، فهذه الكذبة انطلت على الغرب منذ وعد بلفور، عندما أعطى من لا يملك لمن لا يستحق، أرضاً بلا شعب لشعب بلا أرض، بحسب كذبتهم التي سوّقوها للعالم الغربي.

وبالتالي، في الوقت الذي تعمل فيه الصهيونية، وصنيعتها «إسرائيل»، على تطبيق مشروعها الاستيطاني في فلسطين وفي الوطن العربي، نرى أنّ المشروع العربي في طريقه للانقراض، أي أنّ المعادلة بيننا وبينهم باتت واضحة : هم يفعلون ونحن نتكلم، ونُطلق الشعرات الرنانة، الأنظمة العربية الرسمية أدمنت على الشجب والاستنكار والتنديد والتلويح باتخاذ خطوات، ومؤخراً نُلاحظ إدخال المصطلح الجديد في قاموس الحكّام العرب وهو الامتعاض، ونرى من المناسب الالتفات إلى أنّ تقهقر المشروع العربيّ، مع أنّه برأينا لا يوجد مشروع عربيّ، اللهم إلا المبادرة العربيّة، له العديد من الأسباب، إلا أننّا نوجز ونقول : عندما تنازل العرب حتى عن خيار استعمال النفط للضغط على أمريكا و«إسرائيل»، فإنّه عمليا لم يتبق للعرب ما يهددون به، إنهم مثل ذاك البطل الثانوي في أفلام الكاوبوي الأمريكية، الذي يشهر المسدس، متجاهلاً أنه لا يملك حتى رصاصة واحدة للدفاع عن نفسه أو محاولة إسقاط غريمه.

وبما أنّ العرب ما زالوا يعتبرون أن قضية فلسطين هي قضية العرب الأولى، وبدون تحرير فلسطين لا يمكن تحرير العرب، وبدون تحرير العرب لا يمكن تحرير فلسطين، فإنه من واجبنا أن نسلط الضوء على هذه القضية : السيد محمود عباس كان واضحاً للغاية عندما التقيت معه أول مرة وأخر مرة في آب (أغسطس) من العام 2000، وللتوضيح أقول هدف اللقاء كان إجراء حديث صحافي، لا أكثر ولا أقل، سألت السيد عباس عن حق العودة وشددت على أن الشعب الفلسطيني في جميع أماكن وجوده يجب أن يشارك في الاستفتاء العام الذي طرحه عباس حول حق العودة، وأشرت إلى أنني أؤمن بأن عرب الداخل (الفلسطينيون في «إسرائيل») يجب أن يدلوا بدلوهم في هذه القضية الحساسة، رد الرئيس كان صارماً وغير قابل للتأويل : أنتم، لن تشاركوا في الاستفتاء على حق العودة، إنكم عرب «إسرائيل». اليوم وبعد مرور عقد من الزمن، نرى أن الرجل كان منذ العام 2000 متمسكاً بسياسة ونهج التفاوض والتنازل، وهذا النهج الذي يقوده عباس وفياض، مزق عملياً الشعب الفلسطيني إلى عرب الـ 48، وعرب الـ 67، وعرب الضفة وعرب القطاع، وعرب اللجوء، وهو يتساوق مع المشروع الصهيوني الذي يعمل على تفتيت الشعب الفلسطيني إرباً إرباً، والصهاينة يريدون تحويلنا إلى قبائل وعائلات وطوائف ومذاهب وما إلى ذلك، لكسر شوكة الفلسطينيين ودفعهم إلى التنازل عن حق العودة، وهو آخر سلاح مازال هذا الشعب يملكه، على الرغم من المؤامرات التي تحاك سراً وعلانية لتصفيته.

ويجب التنويه في هذا السياق إلى أنّ الشعب الفلسطيني كان يملك ورقة رابحة، وهي عدم الاعتراف بـ «إسرائيل»، ولكنه فقد هذه الورقة، بلطف من القيادة «الحكيمة»، ولم يحصل على شيء، اللهم إلا سلطة مبتورة ومنقوصة، وبالتالي فإنّ الاعتراف بـ «إسرائيل» سيكون بمثابة سحابة صيف عابرة أمام التفريط بحق العودة، فبريطانيا أقامت المملكة الأردنية لتخفيف الضغط الفلسطيني عن «إسرائيل» وللمساهمة في حل المشكلة الديموغرافية، وتطور هذا الأمر ليتحول إلى نظرية أكثر شيطانية وهي الوطن البديل، للتو عدت من العاصمة الأردنية عمّان، وسألت موظف الفندق عن حق العودة فرد علي بسرعة : مقابل خمسة آلاف دينار، قال وأضاف أنا على استعداد للتوقيع على أنني أتنازل عن هذا الحق، وعندما أبلغت زميلي الصحافي عن الرد قال لي بالحرف الواحد : السواد الأعظم من الفلسطينيين في الأردن تنازلوا عملياً عن العودة وباتوا يؤسسون لدولتهم في الأردن، القول، بغض النظر عن مدى صحته، هو ناقوس خطر للشعب الفلسطيني في كل بقعة من هذا العالم. للأسف عندما نقول إنّ «الإسرائيليين» يعملون على تطبيق مبدأ دولتين لشعبين : دولة صهيونية يهودية على كامل التراب الفلسطيني، ودولة فلسطينية في الأردن، نرى أنّ هذا الطرح، بات قابلاً للحياة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 19 / 2165930

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2165930 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 20


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010