الثلاثاء 15 تموز (يوليو) 2014

الحرب الثالثة

الثلاثاء 15 تموز (يوليو) 2014 par عوني صادق

حروب “إسرائيل” ضد الشعب الفلسطيني لم تتوقف منذ ،1948 وقد أخذت أسماءً وأشكالاً مختلفة لكن الهدف لم يتغير وهو الاستيلاء على كل فلسطين وإنهاء قضية الشعب الفلسطيني الوطنية وطي الملف بصورة نهائية . هذا الهدف لم تستطع “إسرائيل” حتى الآن تحقيقه . لهذا تستمر حروبها، وستستمر، وما ترقيم هذه الحروب إلا لتوضيح “خطوة” في مسار طويل .
“الجرف الصامد”، أو “الجرف القوي”، هو الاسم “الإسرائيلي” للحرب الحالية على غزة، وهي “الحرب الثالثة” في سلسلة حروبها بعد حرب “الرصاص المصبوب” ،2008 وحرب “عمود السحاب” ،2012 ودونما جهد كبير، يتضح للمراقب أن لا شيء يميز هذه الحرب عن سابقتيها من حيث الدوافع أو الأهداف، والاختلاف فقط في “الأسباب المباشرة”، وفي “النتائج” التي تسفر عنها كل حرب، وهو ما يؤكد ما بدأنا به هذا المقال .
حاولت وتحاول الصحافة “الإسرائيلية”، والإعلام “الإسرائيلي” عموماً، تصوير الأمر على أن حركة (حماس) هي التي جرت “إسرائيل” إلى حرب لا تريدها، وتناقض نفسها وتكشف أن “إسرائيل” هي التي تقف وراء التصعيد وصولاً إلى حرب تريدها وإن كانت لا تعرف أي الطرق تسلك، ولا تثق بأن الطريق الذي تسلكه سيحقق لها ما تريد . وعلى المستوى الرسمي، السياسي والعسكري، لا يزال الحديث مفتوحاً على مواصلة الحرب، ومفتوحاً على “عملية عسكرية برية كبيرة”، لكن السلوك الفعلي على الأرض لا يزال يراوح مكانه . آخر تصريحات رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، تفيد بمواصلة الحرب، فهو يقول: “لا نتحدث مع أحد في الوقت الراهن عن وقف لإطلاق النار، هذا غير وارد”! بينما يصب تصريح وزير الحرب موشيه يعلون في الاتجاه نفسه، فهو يقول: “ما حققه الجيش”الإسرائيلي“من نتائج حتى الآن مهم، وسنواصل مهاجمة حماس والمنظمات الإرهابية الأخرى” .
وسواء تواصلت الحرب أسبوعاً آخر، أو توقفت، وسواء كانت هناك عملية برية أو لم تكن، فهذه كلها تفاصيل لن تغير من “استراتيجية الحروب” “الإسرائيلية” المتتالية . وهذه تطرح السؤال المحوري: لماذا الحرب الثالثة على غزة؟
في مقال له في نشرة (نظرة عليا- 10/7/ 2014)، كتب عاموس يادلين، رئيس “معهد بحوث الأمن القومي”، ورئيس جهاز “الموساد” السابق، يقول: “إن (حماس) أجبرت”إسرائيل“على الدخول إلى حرب لا تريدها”! لكنه عندما يحدد أهداف الحرب يفضح نفسه وكذبه، فيرى أن الهدف الأول من الحرب “ترميم وتثبيت الردع لتحقيق فترة أخرى من الهدوء . ومعالجة قدرات حماس ومنظمات الإرهاب الأصغر - الجهاد الإسلامي ولجان المقاومة - والضرب الشديد للقيادات والأشخاص، وكذلك قدرة إطلاق الصواريخ، ومنع قدرة حماس من التعاظم بعد الحرب”!!
في كلام يادلين اقتراب واضح من مجمل الأهداف القريبة والبعيدة من “الحرب الثالثة” على غزة، وكذلك من الحربين السابقتين، وأيضاً الحروب القادمة، لأن هذه الحرب لن تكون الأخيرة بكل تأكيد . فمن جهة، يتحدث عن “ترميم الردع وتثبيته”، وهو الهدف القريب، ويتحدث عن الأهداف البعيدة: “معالجة قدرات حماس ومنظمات الإرهاب الأصغر، ومنع قدرات حماس من التعاظم بعد الحرب”، وهي معضلة “إسرائيل” الكبرى ومأزقها .
إن المقارنة بين ما كشفت عنه الحروب الثلاث، تظهر المازق الذي يواجهه الكيان الصهيوني، مثلما يظهر الهدف الحقيقي لكل ما شنته من حروب على الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية، وإن اختلفت الأشكال . وباعتراف يادلين نفسه، فإن قوة (حماس)، وفصائل المقاومة عموماً، بعد كل حرب تزداد وتتعاظم . فمثلاً، في حرب “الرصاص المصبوب” كان المدى الذي تصله صواريخ المقاومة لا يتجاوز 40 كيلومراً، بينما وصل مداها في الحرب الحالية 112 كيلومتراً، مع الاختلاف في القدرة على التوجيه والدقة . وبينما لم تتهدد في الحرب الأولى إلا المستوطنات في محيط غزة، أصبحت حيفا والقدس وتل أبيب هي المهددة . كذلك، بينما كانت المعلومات الاستخبارية وافرة للعدو في الحرب الأولى، أصبح الكتاب الاستراتيجيون والأمنيون “الإسرائيليون” يتحدثون عن “فجوة استخبارية” في الحرب الحالية . أيضاً، في الحرب الأولى، كان قادة الفصائل وكوادرها السياسية والعسكرية في متناول الطائرات “الإسرائيلية” المغيرة، بينما لم يحدث شيء من ذلك في الحرب الحالية . والأهم من ذلك كله، وباعتراف يادلين، فإن قوة وقدرات المقاومة تعاظمت بعد كل حرب .
والخلاصة، أنه إذا كانت “حروب إسرائيل” مستمرة على الضفة الغربية وغزة، وأن حربها على الضفة يأخذ أشكالا عنفية “أدنى” ومموهة، بفضل سياسات ومواقف السلطة من العمل المسلح والمفاوضات، إلا أن حروبها على غزة تأخذ دائماً شكل “العنف العاري” بسبب وجود مقاومة مسلحة فيها، وهو ما تريد القيادات “الإسرائيلية” أن تنهيه لتستطيع بعد ذلك أن تفعل بفلسطين وشعبها ما تشاء . ومعروف أن هذه الحرب ستتوقف مثل غيرها من خلال “اتفاق لوقف إطلاق النار” . لكنه تواطؤ بل تآمر أن يسأل أحد ماذا جنينا من هذه الحرب؟ إن ما جنيناه هو بالضبط رسالة مختصرة: الشعب الفلسطيني لن يستسلم، والعدو الصهيوني لن يفوز، ما دام هناك من يملك السلاح ويقاوم!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 18 / 2165497

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

12 من الزوار الآن

2165497 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010