الاثنين 14 تموز (يوليو) 2014

القطاع والحرب النفسية

الاثنين 14 تموز (يوليو) 2014 par يونس السيد

أظهرت إفرازات الحرب الشاملة على غزة، حتى الآن، ليس فقط صمود المقاومة وسكان القطاع، بل فشل الحرب النفسية التي طالما كان يعتبرها الاحتلال ميدانه الخاص، بعدما أثبتت المقاومة الفلسطينية قدرتها على مجاراته والتفوق عليه في كثير من الحالات .
يبدو أن الفلسطينيين وفصائل المقاومة قد استفادوا كثيراً من تجاربهم السابقة في هذا المجال، فمن جهة، ظهر الفلسطينيون في حالة من الصمود والتماسك والمعنويات العالية، ولم تعد تخيفهم المنشورات الورقية التي تلقيها الطائرات المعادية لمطالبتهم بالتخلي عن دعم المقاومة، أو رسائل “إس . إم . إس” التحذيرية التي تطالبهم بإخلاء منازلهم قبل قصفها، وهو ما يمكن اعتباره أولى إخفاقات الحرب النفسية “الإسرائيلية” . ومن جهة أخرى، أثبتت فصائل المقاومة قدرتها، ليس فقط على التمويه والحركة وإخفاء سلاحها ومخزونها الصاروخي، بل نجحت في اختراق المجتمع الصهيوني وجيش الاحتلال عبر بث “الفيديوهات” التي تتحدث عن قدراتها العسكرية، ونشر أسماء آلاف الجنود والضباط “الإسرائيليين”، إلى جانب اختراق مواقع التواصل الاجتماعي وتوجيه رسائل باللغة العبرية ساهمت كثيراً في خلخلة أركان ذلك المجتمع وتصدع جبهته الداخلية . وهو ما يعد نجاحاً للمقاومة في حربها النفسية، وربما تفوقاً فيها على ملعب الاحتلال ذاته، الأمر الذي أكسبها كثيراً من المصداقية بين “الإسرائيليين” أنفسهم مقابل التشكيك في صدقية إعلام العدو وتصريحات قادته، ما يذكرنا بحرب تموز 2006 عندما تحول “الإسرائيليون” إلى تصديق رواية المقاومة اللبنانية .
فشل الحرب النفسية “الإسرائيلية” لم يتوقف عند هذا الحد، بل رافقه فشل استخباراتي أكبر، إذ رغم السيطرة الجوية ونشر أعداد كبيرة من طائرات الاستطلاع والتجسس في سماء القطاع، ثم مئات الغارات التي شنتها وتشنها طائرات الاحتلال على مدى الأسابيع الأخيرة، لم تتمكن قوات الاحتلال من تحديد مخزون المقاومة من السلاح والصواريخ، وللمرة الأولى، لم نسمع أي تصريح احتلالي عن تدمير عدد محدد أو نسبة معينة من الصواريخ كما كان يحدث من قبل . وما يدلل على عمق هذا الفشل الاستخباراتي، هو نفاد بنك الأهداف، وقلة المعلومات الاستخباراتية، إذ رغم كل هذا الكم الهائل من الغارات الجوية، وقصف جميع الأهداف المحددة سلفاً، فإن رد المقاومة لم يتوقف ثانية واحدة، ولم يتوقف إطلاق الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى، فيما لم تنجح طائرات الاحتلال في اغتيال أي قيادي فلسطيني، ما يؤشر إلى تقييد حركة عملاء الاحتلال وسيطرة المقاومة على الأرض .
لكل هذه الأسباب، لجأت قوات الاحتلال إلى الانتقام من المدنيين وتدمير المنازل فوق رؤوس الأطفال والنساء والشيوخ والعجائز، بهدف إيقاع أكبر قدر من الخسائر بينهم، وراحت هذه القوات تهدد بالحرب البرية، التي هي أصلاً ميدان المقاومة، في محاولة للتعويض عن فشلها بإطلاق آلة الحرب الشاملة حتى آخر مدى، والسعي لإقناع مستوطنيها بأنها لا تزال تملك زمام المبادرة، فيما قادة الاحتلال يبحثون عن مخرج ينقذهم من الهزيمة المحققة قبل كل شيء



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 13 / 2181802

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2181802 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40